أصبح من الممكن أخيرًا فك رموز اللهجة الغامضة لأسلافنا القدماء بالكامل بفضل الذكاء الاصطناعي.
يقدر الخبراء أنه لا يزال هناك مليون لوح مسماري في العالم، لكن هذه الكتابات التي خلفها سكان بلاد ما بين النهرين القدماء تتطلب عملاً شاقًا من قبل علماء الآثار لترجمة محتوياتها وفهرستها.
وتشير التقديرات إلى أن 90% من النصوص المسمارية لا تزال غير مترجمة.
لكن الآن، اكتشف فريق من الباحثين الألمان طريقة جديدة لتدريب أجهزة الكمبيوتر على التعرف على الكتابة المسمارية، وحتى جعل محتويات الألواح التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين قابلة للبحث مثل موقع الويب، مما يجعل من الممكن رقمنة وتجميع مكتبات أكبر من هذه النصوص القديمة.
يمكن أن يؤدي هذا إلى كشف تفاصيل لم تكن معروفة سابقًا عن الحياة القديمة، حيث تحتوي الألواح على تفاصيل حول أعمال بطولية مهمة مثل بناء المعبد، وصولاً إلى مشاحنات تافهة مثل شكاوى خدمة العملاء.
وقام الأكاديميون الألمان بتدريب الذكاء الاصطناعي على لغتين مسماريتين، السومرية والأكادية.
تم التحدث باللغة السومرية منذ حوالي 5000 عام، وتم استبدالها في النهاية بالأكادية، ولكن تم استخدام اللغتين في الكتابة حتى بداية العصر المسيحي في بلاد ما بين النهرين، التي احتلت العراق الحديث وأجزاء مما أصبح إيران والكويت وسوريا ، وتركيا.
ويقدر أن هناك مليون لوح مسماري في العالم. وباستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، قد يتمكن العلماء من البحث في محتوياتها بسرعة وسهولة
لذا فإن الألواح المسمارية التي تركناها لم تكن مكتوبة بلغات متعددة فحسب، بل عمرها أيضًا آلاف السنين.
إن الحروف المسمارية ذات الشكل الإسفيني التي شكلت أساس اللغات المكتوبة في بلاد ما بين النهرين القديمة، تم نحتها في ألواح طينية، لذا فهي ثلاثية الأبعاد.
إلى جانب حقيقة أن النص القديم قد تأثر بمرور الوقت والتعامل معه، فإن خصائصها يمكن أن تجعل من الصعب مسحها ضوئيًا على جهاز كمبيوتر حتى يتمكن المؤرخون وعلماء الآثار من استخدامها في البحث.
الآن، باستخدام نماذج ثلاثية الأبعاد لحوالي 2000 جهاز لوحي، قاموا بتدريب برنامج كمبيوتر لمسح النص ونسخه – مثل استخدام كاميرا الهاتف الذكي الخاص بك لتحويل ملاحظة مكتوبة بخط اليد إلى مستند نصي.
لم تهدف هذه الدراسة إلى ترجمة محتويات الألواح، بل إلى تمكين الباحثين الآخرين من القيام بذلك بسهولة أكبر.
ولا يقتصر الأمر على أن ويلات الزمن قد تآكلت أسطحها الطينية غير المحترقة، مما يجعل الترجمة أكثر صعوبة، ولكن قد يكون من الصعب فهم لوح واحد أو حتى سلسلة صغيرة من النص بدون سياق – مثل محاولة فهم كتاب من خلال قراءة جملة واحدة في صفحة واحدة. في المنتصف تماما.
يمكن لبرنامج الذكاء الاصطناعي الجديد أن يساعد في سد الفجوات من خلال تمكين المترجمين من العمل بكفاءة أكبر.
وقال كبير مؤلفي الدراسة هيوبرت مارا، الأستاذ المساعد في جامعة مارتن لوثر هالي: “حتى الآن، كان من الصعب الوصول إلى محتوى العديد من الألواح المسمارية في وقت واحد، فأنت بحاجة إلى معرفة ما تبحث عنه بالضبط وأين تبحث عنه”. ويتنبرج في ألمانيا في بيان.
جاءت الأجهزة اللوحية التي استخدموها لتدريب برنامج الكمبيوتر الخاص بهم من مجموعة مفتوحة الوصول من عمليات المسح ثلاثية الأبعاد، والتي تحتوي على ألواح مسمارية سومرية – من أقدم حضارة معروفة في جنوب بلاد ما بين النهرين، والتي تقع الآن جنوب وسط العراق.
بالإضافة إلى مساعدة الباحثين على فك رموز محتويات الألواح المسمارية، فإن النظام الجديد يمكّنهم من إنشاء نوع من السجلات القابلة للبحث.
محتويات هذه الألواح ستساعد الباحثين في العلوم الإنسانية على تزويدنا بفهم أفضل لما كانت عليه الحياة في بلاد ما بين النهرين القديمة.
“يمكن العثور على كل شيء فيها: من قوائم التسوق إلى أحكام المحكمة. توفر الأجهزة اللوحية لمحة عن ماضي البشرية منذ عدة آلاف من السنين. ومع ذلك، فهي تتعرض للعوامل الجوية بشدة، وبالتالي يصعب فك شفرتها حتى بالنسبة للعيون المدربة.
تم استخدام عمليات المسح ثلاثي الأبعاد للألواح المسمارية القديمة لتدريب الذكاء الاصطناعي ليس فقط على التعرف على الأوتاد المميزة للنص، ولكن أيضًا على رموزه.
وكان جزء من التحدي يتمثل في تدريب الذكاء الاصطناعي على التعرف على الأوتاد والعلامات التي تشكل الكتابة المسمارية.
قام الباحثون بتغذية البرنامج بـ 21000 علامة و4700 إسفين، مما أدى إلى إنشاء مجموعة بيانات جديدة يمكن استخدامها من قبل الباحثين الآخرين الذين يرغبون في دراسة الكتابة المسمارية.
وبعد تدريب الذكاء الاصطناعي، قاموا باختباره على أجهزة لوحية أخرى لمعرفة مدى موثوقيته.
ووجدوا أنه يمكنه الكشف بدقة عن الأوتاد والعلامات المسمارية بدقة تبلغ حوالي 76 بالمائة.
ولم يقتصر الأمر على عمليات المسح ثلاثية الأبعاد عالية الجودة.
وقال إرنست ستوتسنر، وهو طالب في مختبر مارا: “لقد فوجئنا عندما اكتشفنا أن نظامنا يعمل بشكل جيد مع الصور الفوتوغرافية، والتي هي في الواقع مصدر أقل جودة”.
يقوم إرنست ستوتزنر بإجراء مسح ثلاثي الأبعاد للوحة مسمارية قديمة، ويرتدي قفازات لحماية القطعة التي يبلغ عمرها آلاف السنين
يخطط فريق Stötzner وMara لاستخدام عينة أكبر من الأجهزة اللوحية لتدريب الذكاء الاصطناعي الخاص بهم وتحقيق قراءة أكثر دقة.
ويشتبهون في أن العدد الصغير نسبيًا من الأجهزة اللوحية قد يحد من دقتها.
وعلى سبيل المقارنة، حقق نظام ذكاء اصطناعي مختلف تم تدريبه على التعرف على لغة مختلفة تعتمد على الكتابة المسمارية دقة بنسبة 90%.
والاحتمال الآخر هو تقسيم صور الجهاز اللوحي إلى أجزاء أصغر، بحيث يكون لدى الذكاء الاصطناعي كمية أقل من المعلومات للتعامل معها في المرة الواحدة.
ظهرت الدراسة في عدد نوفمبر من مجلة ورشة عمل Eurographics حول الرسومات والتراث الثقافي.
اترك ردك