القرود مجازفة بطبيعتها، لكن عندما زرع العلماء رقائق في أدمغتها، أصبحت أكثر حذرا، وفقا لدراسة جديدة.
استخدم فريق من الباحثين في جامعة كيوتو في اليابان ومضات من الضوء من رقائق مزروعة لتنشيط قسمين مختلفين من أدمغة قرود المكاك.
إن تشغيل أحد الأجزاء شجعهم على تحمل مخاطر أكبر على أمل الحصول على مكافأة أكبر، بينما أدى تشغيل القسم الآخر إلى قبول الحيوانات بمكافأة أصغر ولكن أكثر تأكيدًا.
وقال الباحثون الذين أجروا الدراسة إن هذا البحث يقدم نظرة ثاقبة للجذور العصبية لإدمان القمار.
تعمل مجموعة الأقطاب الكهربائية المصممة خصيصًا على قياس نشاط الدماغ وتسليط الضوء لتنشيط الخلايا العصبية المعدلة جينيًا
ولكن قبل البحث في الدماغ، بدأ العلماء بمعرفة ما إذا كانت قرودهم الستة تحب المقامرة.
وقاموا بتدريب قرود المكاك على النظر إلى بقع ملونة مختلفة على الشاشة للحصول على مكافأة مائية.
بعض المواقع ستمنح القرد مكافأة صغيرة بنسبة 90% من الوقت – مخاطرة منخفضة ومكافأة منخفضة.
أعطى آخرون مكافأة أكبر بـ 10 مرات، لكنها لم تدفع سوى 10 بالمائة من الوقت – مخاطرة عالية ومكافأة عالية.
وبأغلبية ساحقة، ذهبت القرود إلى المواقع ذات المخاطر العالية والمكافأة العالية. مثل المقامر في ماكينة القمار، على الرغم من أنهم قد يخسرون أكثر مما يربحون، إلا أنهم يقامرون وأعينهم على دفع تعويضات كبيرة.
بعد ذلك، حاول الفريق معرفة مناطق الدماغ التي تتحكم في حساب المخاطرة والمكافأة.
إن تنشيط جزء واحد من الفص الجبهي للقرد شجع الحيوان على السعي للحصول على مكافأة كبيرة ذات احتمالية نجاح منخفضة. أدى تنشيط منطقة أخرى إلى تمسك القرد بخيار ذي احتمالات أفضل للفوز بمكافأة أصغر
ووجد العلماء أن قرود المكاك اليابانية، التي تشتهر بالاسترخاء في ينابيع الجبال الساخنة، تميل أيضًا إلى المخاطرة. في مهمة لعبة فيديو، يختارون السيناريو عالي المخاطر والمكافأة العالية في كل مرة تقريبًا
اختاروا العديد من المناطق المرشحة، وهي مناطق الدماغ المعروفة بأنها تشارك في صنع القرار، وحقنوا كل واحدة منها بمادة كيميائية تمنع الخلايا العصبية من إرسال الإشارات.
عندما قاموا بتعطيل منطقة معينة، توقفت القرود عن اتخاذ خيارات محفوفة بالمخاطر.
ولم يكن هناك أي مناطق أخرى لها تأثير مماثل، حتى المناطق التي ثبت أنها تلعب دورا في اتخاذ القرار لدى القردة.
المنطقة التي حددها الباحثون هي جزء من منطقة برودمان في الفص الجبهي للقردة، والتي تحتوي على عشرات الأجزاء الأصغر التي ترتبط بجميع أنواع أنشطة الدماغ بما في ذلك الكلام والسمع والحركة.
تقوم مجموعة الأقطاب الكهربائية بتسليط الضوء الأحمر لتنشيط الخلايا العصبية وتسجيل نشاطها الكهربائي أيضًا
وعلى وجه التحديد، كانت منطقة برودمان 6 هي التي تشارك في تخطيط الحركة المعقدة والمنسقة.
عند البشر، يشارك الفص الجبهي في الشخصية والتخطيط والتنظيم والسلوك الموجه نحو الهدف.
وتشير الأبحاث السابقة إلى أن الفص الجبهي للمكاك يلعب دورا مماثلا في سلوك الحيوان.
الدراسة الجديدة التي نشرت اليوم في المجلة علوم، يدعم هذه الفكرة.
اختبر العلماء بعد ذلك ما إذا كان بإمكانهم استهداف منطقة الدماغ هذه لتشغيل وإيقاف الميل إلى المقامرة.
تحرير الجينات المحلية في منطقة برودمان 6 جعل الخلايا العصبية حساسة للضوء، وتنشط استجابة للضوء الأحمر.
قام الفريق بزرع مجموعة أقطاب كهربائية خاصة فوق منطقة الدماغ المتغيرة. ولم يسجل هذا الجهاز النشاط الكهربائي للدماغ فحسب، بل قام أيضًا بتسليط أضواء حمراء على سطحه لتشغيل الخلايا العصبية.
ثم قاموا بتعريف القرود بلعبة فيديو جديدة، وهي لعبة أعادت إنشاء نفس فكرة اللعبة الأولى ولكنها أضافت بعض العناصر الجديدة.
لقد كانت لعبة بسيطة حيث تتخذ القرود إما طريقًا آمنًا لجمع موزة واحدة أو طريقًا خطيرًا للحصول على مجموعة كاملة من الموز. تتحكم القرود في اللعبة من خلال النظر حول الشاشة.
عندما تم إضاءة وتنشيط الجزء السفلي من منطقة برودمان 6، زادت القرود من المخاطرة، واختارت في كثير من الأحيان المسار الخطير للحصول على مكافأة أكبر.
ولكن عندما تم تنشيط الجزء العلوي من نفس المنطقة، أصبحوا أكثر حذرًا، واختاروا المسار الأكثر أمانًا بمكافأة أقل.
أعطت لعبة الفيديو للقردة طريقًا محفوفًا بالمخاطر للحصول على مكافأة كبيرة أو مسارًا آمنًا للحصول على مكافأة أصغر
وكتب فيت ستوفورن، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب في جامعة جونز هوبكنز، في هذا الصدد: “يشير هذا الاكتشاف غير المتوقع إلى أن منطقتين متجاورتين في القشرة الأمامية تنظمان معًا موقف المخاطر بطريقة تشبه الدفع والجذب، ويمكنهما زيادة وتقليل البحث عن المخاطر”. تعليق مصاحب.
وأضاف ستفورن، الذي لم يشارك في العمل الجديد: “هذا مهم لأنه يفتح إمكانية تحديد الآليات العصبية في الدائرة الكامنة وراء هذه القدرة”.
ووجد الباحثون أن الدوبامين، وهو الرسول الكيميائي الذي نربطه بالمكافأة والمشاعر الإيجابية، يبدو أنه يلعب دورًا في الموازنة بين المخاطر والمكافأة أيضًا.
تحمل الخلايا العصبية التي تمتد من منطقة برودمان الدوبامين إلى المنطقة السقيفية البطنية، وهي منطقة مرتبطة بالسلوكيات الإدمانية لدى الناس.
بالإضافة إلى ذلك، كشف تلوين الخلايا في أدمغة القرد أن معظم الخلايا العصبية التي أصبحت حساسة للضوء كانت خلايا عصبية منتجة للدوبامين.
معًا، قادت النتائج الباحثين إلى التكهن بأن جزأين منطقة برودمان 6 “قد يتم تشفيرهما بشكل منفصل لحسابات مختلفة للعائد والمخاطرة”.
بمعنى آخر، قد تعمل أجزاء مختلفة من نفس منطقة الدماغ بطرق مختلفة تمامًا لحساب المخاطر عدة مرات كل يوم.
البحث المستقبلي ضروري لتحديد ما إذا كانت هذه التجربة تسلط الضوء على نفس المناطق التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من إدمان القمار، ولكن هذه النتائج تظهر واعدة مبكرة.
وأشاروا إلى أن أحد الروابط المهمة هو عقار براميبكسول المعزز للدوبامين لمرض باركنسون والذي ثبت أنه يعزز اضطرابات القمار.
وبسبب هذا الارتباط، كتبوا: “إن النتائج التي توصلنا إليها ليس لها آثار واسعة النطاق للإجابة على مثل هذه الأسئلة ذات الصلة سريريًا فحسب، بل توفر أيضًا فرصًا لفهم الآلية العصبية الأساسية لاضطراب القمار بشكل أفضل لدى البشر”.
اترك ردك