كيف تطورت الدراسة في تركيا خلال عقدين من الزمن؟

لم يعد السفر والدراسة في الخارج أمراً صعباً أو مستحيلاً لطلاب الجيل الحالي، لا سيما مع تطور العلاقات الدولية وتسهيل السفر لطلاب الجامعات وتطوير وسائل الحصول على القبولات الجامعية وإجراءات الانتقال والسفر بما يتضمن أيضا الخطة التعريفية للمدينة أو البلد المستهدف، بل وأصبحت الحكومات أيضا تولي جانباً هاماً للتعليم ولزيادة إقبال الطلاب الدوليين من خارج البلد لتنشيطه وزيادة النشاطات المرتبطة بالجاليات الأجنبية، ولمع عنوان “الدراسة في تركيا” كخيار رئيسي يمكن أن يفكر فيه الطالب اليوم.

لماذا الدراسة في الخارج؟

يعتبر الهدف الرئيسي للدراسة في الخارج الحصول على خبرة في مجال معين تفوقت به الجامعة أو البلد، إضافة لاكتشاف ثقافة جديدة أو المشاركة مع بلد ينمو في مجال التعليم بشكل كبير، هناك عوامل أخرى مثل اكتساب مهارات وخبرات على الصعيد الشخصي، لا سيما فيما يتعلق بأمور التأقلم مع الواقع الجديد وصدمة الغربة الأولى، ولكن تدريجيا يجب الطالب نفسه يتخطى كل الصعوبات ويتكيف مع البيئة الجديدة بشكل سريع وهو مؤشر يدل على أن هذا الطالب قدار على المتابعة أم لا.

تصقل الدراسة في الخارج شخصية الطالب بكثير من الجوانب وتعزز المهارات القيادية لديه، مطلوب من الطالب التعامل مع مقدار مصروفه الشخصي واحتياجاته اليومية وتقديرها وإدارتها بشكل ناجح ومنظم، تعلم لغة جديدة وهي مفتاح البلد الذي يقصده الطالب في دراسته الجامعية؛ يفتح تعلم اللغة آفاق جديدة من التفكير وفهم الناس وآليات التعامل معهم وبالتالي اكتساب الثقافة الجديدة بطريقة أسرع.

هل تركيا هي الوجهة الأنسب؟

تشغل الدراسة في تركيا حيزاً من اهتمام الطالب العربي عموماً لعدة أسباب أهمها ما يتعلق بجغرافيا البلد وطبيعتها الساحرة، إضافة إلى جودة وقوة التعليم فيها بشكل كبير والذي تطور خلال عقدين من الزمن وأصبح أحد أكبر عشرين مستوى وبيئة تعليمية عالمية كما هو الحال في اقتصاد تركيا الذي دخل قمة العشرين الكبار.

لنتكلم الآن ببعض الاحصائيات الرسمية التي جعلت الدراسة في تركيا ما هي عليه اليوم، زادت نسبة الجامعات من 71 جامعة في تركيا مطلع القرن الحالي إلى أكثر من 207 جامعات في أنحاء تركيا، لمدينة إسطنبول القسم الأكبر منها 58 جامعة ما بين حكومية وخاصة، لتأتي بعدها مدينة أنقرة بالمرتبة الثانية بـ 21 جامعة ما بين حكومية وخاصة، ومدينة إزمير بالمرتبة الثالثة بـ 10 جامعات حكومية وخاصة، وهذه أكبر ثلاث مدن تركية تعيش حالة زهو اقتصادي وعلمي بشكل كبير، وحرصاً من تركيا على إدخال التعليم العالي لكل المدن التركية قامت بإنشاء جامعة على الأقل في كل المدن التركية ليتاح للطلاب من أبناء المنطقة نفسها فرصة التعليم الجامعي وأيضاً من أجل رفد هذه الجامعات بطلاب دوليين من مختلف الدول الأخرى لزيادة التبادل الثقافي في المنطقة بما يكسب نتيجة إيجابية للطرفين للطالب من جهة والمجتمع المضيف من جهة أخرى.

عملت تركيا على دعم التخصصات المرموقة والتخصصات ذات الصلة بالمستقبل المهني بشكل كبير وأحدثت لها المعارض والمهرجانات المناسبة مثل مهرجان “تكنوفيست” الذي تكرر في تركيا للسنة الثالثة وأصبحت المشاركة فيه على مستوى دولي؛ حيث يعرض المهرجان آخر الإنجازات العلمية والابتكارات والصناعات التركية التي تم العمل عليها بأيدي وخبرات محلية، تتمثل أغلبها بالصناعات الدفاعية والسيارات الكهربائية والتكنولوجيا لا سيما تخصصات الذكاء الاصطناعي وغيرها.

ومن ناحية الاعتراف واعتمادات الشهادات، باتت أغلب الجامعات التركية عضو في نظام الايراسموس وهو أضخم برنامج طلابي مع دول الاتحاد الأوربي ودول شرق آسيا والدول الأخرى، ما يزيد فرصة حصول الطالب على فرصة الدراسة في تركيا وأخرى خارج تركيا لتكون الفائدة أكبر للطالب عند التخرج، وبالنظر لجودة التعليم فقد بلغت جامعات تركيا مستويات متقدمة على مستويات عالمية، كما هو الحال في تصنيف جامعة إسطنبول جيليشيم التي بلغت المرتبة 16 عالمياً وفق إحصائيات رسمية من موقع تايمز البريطاني المختص بتصنيف الجامعات التركية.

بعيداً عن لغة الأرقام والدراسة والاعترافات، فإن أول ما يفكر به الطالب القادم لتركيا أنه سيجد عبق الماضي الملتحمة بالطبيعة الخلابة والمناظر الآسرة التي تسر عيني الناظر لها والمستمتع بجمالها الأخاذ، لا بد أن هناك أحداً تصفح صور المناطيد الطائرة في مدينة كابادوكيا وشاهد رحلات التزلج على جبال أولوداغ في بورصة إضافة لصور رحلات تلفريك، بحيرة أوزونجول في طرابوزن وسلسلة الجبال والطبيعة الجميلة في كل من ريزا وسامسون وباقي مناطق البحر الأسود.

ولاسطنبول والمناطق المحيطة فيها الحصة الكبيرة من هذا الاهتمام، حيث المدينة التي أصبح مأهولة للسكان قبل ما يزيد عن 4000 عام، والتي تعاقبت عليها حقب الإمبراطورية البيزنطية ثم الدولة العثمانية إلى تأسيس الجمهورية التركية والتي تمتزج فيها الحداثة بالتاريخ بصورة أشبه ما تكون باللوحة المرسومة بأيدي رسام بارع، وربما يطول الحديث هنا عن الأماكن التي لا بد على القادم لتركيا أن يزورها ويكون ذاكرة معها لا تنسى أبد العمر.

ما هي مميزات الدراسة في تركيا؟

تتيح الدراسة في تركيا مميزات عديدة للطالب القادم إليها من توفير سبل مساعدة للحياة وبعض الخدمات النافعة، وربما من أكثر الميزات انتشاراً بين المجتمعات المهتمة في تركيا انخفاض تكاليف المواصلات العامة للطالب بشكل كبير إذ لا تتعدى 8$ في الشهر الواحد لاستخدام شبكة المواصلات العامة، وهي قيمة تكاد لا تذكر بالنسبة للمقيم في تركيا والذي يعرف قيمة المواصلات العامة لغير الطلاب.

أيضاً من المميزات الأخرى الإعفاءات الضريبية على الأجهزة الالكترونية التي يقتنيها الطالب لأول مرة بحيث التصريحات الأخيرة للرئيس أردوغان، كما هناك توفير لباقة خدمات سحابية من خلال توفير نسخ مجانية وأصلية من أنظمة التشغيل الويندوز وبرامج المايكروسوفت للطلاب بالإضافة لتخفيضات أخرى مرتبطة ببعض التطبيقات والمجالات الأخرى.

هناك انتعاش واضح حتى من جانب الخدمات الأخرى مثل توفير العديد من السكنات الطلابية الخاصة والحكومية بالقرب من الجامعات، وتجهيز الوسائل الترفيهية للطالب من خلال ملاعب الجامعات وصالاتها الرياضية أو حتى الملاعب والمراكز الأخرى التي تدعمها البلديات بشكل عام.

هناك أيضا ناحية أخرى وهي الناحية المادية للجامعات التركية والتي تجعلها خيار مقبول ومناسب جداً لكل فئات المجتمع، بإمكان الطالب من أي بيئة أن يجد جامعة مناسبة من ناحية الأجور المادية أو معايير المعيشة في المدينة التي يختارها وبناء عليه سيحصل الطالب على فرصة بالتأكيد، ناهيك عن برامج المنح التركية التي يتم الإعلان عنها بداية كل عام والتي تتيح لآلاف الطلاب الالتحاق بالجامعات التركية مع توفر مقابل مادي يعيل الطالب ولها طبعا أحكامها وشروطها الخاصة.

ومن الجدير بالذكر أن أغلب الجامعات التركية تتيح للطالب دراسة double major وهو تخصص آخر مغاير للتخصص الأول الذي يدرسه، مثل أن يدرس الطالب تخصص بالهندسة وآخر بالاقتصاد معاً، وهناك أيضا نظام التعليم المفتوح الذي يتيح للطالب الحصول على مقعد بأحد جامعات التعليم المفتوح إذا كان لدى الطالب قيد جامعي في أي جامعة تركية.

إذن هناك حالة دعم كبير لقطاع الدراسة في تركيا، ما يجعلها بلد يستحق أن يكون ضمن قائمة البلدان التي يجب على الطالب أن يفكر بها ويبحث عنها ليجد الجامعة والبيئة المناسبة له ليكون فيها ويبدأ منها رحلة الدراسة الجامعية.

هل هناك فرق بين الجامعات التركية الحكومية والجامعات الخاصة؟

يمكننا القول بأن الفرق الجوهري بين الجامعات التركية هو آلية القبول والسرعة في الإجراءات والوقت المخصص للتسجيل، ففي الجامعات التركية الحكومية الوقت محدود جدا للتسجيل يكون أحيانا مقيداً بما لا يتجاوز ثلاثة أيام في السنة وبعضها الآخر يتيح عدة مفاضلات خلال السنة الدراسية، كما أن عدد المقاعد المحدودة للطلاب الأجانب وشروط الامتحانات الإضافية مثل امتحان اليوس أو امتحان السات يرفع من صعوبة حصول الطالب على التخصص المطلوب أو الجامعة المرغوبة دون توفير متطلبات التسجيل فيها.

ولكن الأمر مختلف بالنسبة إلى الجامعات التركية الخاصة فالقبول يحتاج ساعات في بعض الجامعات التي يسجل فيها الطالب، وتكون التفاصيل كلها مدونة في خطاب القبول الأولي الذي يحدد للطالب قيمة السنة الدراسية واسم التخصص ومكانه وآلية الدفع والشروط الأخرى مثل الأوراق المطلوبة للتسجيل وكيفية دفع الرسوم على أقساط وغيرها، إضافة لعدم اشتراط الجامعات التركية الخاصة على وجود امتحانات إضافية ما يجعل إقبال الطلاب عليها أعلى من مثيلتها الحكومية.

وبكلا الحالتين فإن الطالب المهتم في الدراسة في تركيا سيجد خياراته المناسبة في كلا الجانبين طبعا بعض تطبيق الشروط الرئيسية والمناسبة للحصول على المقعد الجامعي في أحد هذه الجامعات.

كيف أسجل من أجل الدراسة في تركيا؟

الأمر بسيط جدا فعندما يمتلك الطالب كل الأوراق اللازمة من أجل التسجيل في الجامعات التركية فإن بالإمكان الحصول على القبول الأولي من الجامعات التركية الخاصة بشكل مجاني، ليتابع بعدها الطالب إجراءات الدفع والتثبيت والسفر إلى تركيا، ولكن بداية يجب على الطالب تجهيز الأوراق اللازمة للتسجيل مثل صورة عن شهادة الثانوية العامة وكشف الدرجات وتصديقها أصولاً من وزارات التربية والخارجية، تجديد جواز السفر إن كان قيد الانتهاء وتجهيز وسائل التواصل مثل الايميل ورقم الهاتف وغيرها من الطلبات الأخرى العامة التي تطلب من أي طالب يرغب بالتقدم لأي جامعة.

الخلاصة!

يعتبر خيار الدراسة في تركيا خياراً جيداً جداً مقارنة بمستوى التعليم والدراسة في أوربا، وحتى أسهل من ناحية الشروط والمتطلبات التي تجعل تحقيق حلم طالب أقرب للحقيقة من كونه مجرد وهم لا يستطيع تحقيقه اليوم.