الإمارات.. مركز عالمي لتعزيز التكامل بين قطاعي الطاقة والـAI

خاص

أرشيفية .. أديبك 2024

تبرز دولة الإمارات كنموذج رائد في رسم ملامح المستقبل عبر مزيج متقن من الرؤية الاستراتيجية المدعومة بالتكنولوجيا المتقدمة.

منذ سنوات عديدة، وضعت الدولة استدامة الطاقة في صميم سياساتها التنموية، مستندة إلى خطط بعيدة المدى تُوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، واستشراف التحولات العالمية في مجالات الطاقة المتجددة والحياد المناخي.

ومع تصاعد التحديات المرتبطة بأمن الطاقة والتغير المناخي، أدركت الإمارات أهمية تطوير استراتيجيات أكثر مرونة وشمولية تضمن استدامة الموارد وتنويع مصادر الإنتاج. فكان تحديث استراتيجية الطاقة 2050 خطوة حاسمة لترسيخ مكانة الدولة كمحور عالمي للطاقة النظيفة، مع تحديد أهداف طموحة لعامي 2030 و2050 تواكب التزاماتها الدولية.

تأتي هذه الجهود في إطار رؤية وطنية تُوظّف التكنولوجيا والابتكار كأدوات رئيسية لتحقيق الكفاءة في الإنتاج والاستهلاك، ودعم الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص جديدة في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين والذكاء الاصطناعي.

استراتيجية الطاقة

أطلقت استراتيجية الإمارات للطاقة عام 2017، وتعتبر أول استراتيجية موحدة للطاقة في الدولة توازن بين الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية مع ضمان توفير بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات.

ونتيجة للمتغيرات الكبيرة التي شهدها قطاع الطاقة فيما يتعلق بأمن الطاقة العالمي وفي مجال التغير المناخي، وإلى انخفاض أسعار ونضوج تكنولوجيا الطاقة ذات الانبعاثات المنخفضة والجديدة، والتزامات الدولة نحو تحقيق اتفاقية باريس، تم تحديث استراتيجية الطاقة 2050، وتحديد الأهداف لعام 2030 والطموحات لعام 2050 للوصول إلى الحياد المناخي.

تهدف الاستراتيجية المحدثة للطاقة إلى تعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة بأنواعها، ودعم برامج البحث والتطوير في مجالات تكنولوجيا الطاقة وتشجيع الابتكار والاستثمار في هذا القطاع، بالإضافة الى تعزيز قدرة الدولة على توفير الطاقة النظيفة والمستدامة، والمحافظة على ريادتها ورفع تنافسيتها عالمياً في هذا القطاع الحيوي، بحسب وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية.

توظيف التكنولوجيا

يقول عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد  (CISI) وضاح الطه، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” :

  • استخدام التكنولوجيا الحديثة ضمن استراتيجيات الطاقة في دولة الإمارات هو توجه استراتيجي عملت عليه الجهات المعنية منذ سنوات؛ بهدف تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاستدامة في الإنتاج والاستهلاك.
  • هذا التوجه تجسد بوضوح في التركيز على محطات الطاقة الشمسية (..).
  • دولة الإمارات تحقق تقدماً ملحوظاً في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة النووية من خلال بناء محطات متطورة، إلى جانب تحسين كفاءة استهلاك الطاقة عبر سياسات توعوية وقنوات تواصل فعالة بين منتجي الطاقة والمستهلكين (..).

ويوضح أن هذه الجهود تتكامل مع رؤية الحياد المناخي بحلول عام 2050، مؤكدًا أن تحسين كفاءة استخدام الطاقة يمثل محوراً أساسياً في ضمان استدامة الأداء ونموذجية الاستهلاك.

ويشير الطه إلى أن من أبرز أهداف استراتيجية الطاقة الإماراتية رفع إجمالي القدرة المركبة للطاقة النظيفة من 2 غيغاواط إلى نحو 19.8 جيجاواط بحلول عام 2030، إلى جانب إلغاء مساهمة الفحم النظيف في مزيج الطاقة لتصل إلى 0%، وهو ما يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية.

كما تهدف الاستراتيجية إلى أن تصل مساهمة الطاقة النظيفة إلى 32 بالمئة من إجمالي توليد الطاقة بحلول عام 2030، مما يعزز الجهود الوطنية للحد من التأثيرات المناخية، ويواكب التوجه العالمي نحو الاستدامة.

ويختتم الطه حديثه بالإشارة إلى أن هذه الطموحات والمستهدفات من شأنها توفير نحو 50 ألف وظيفة خضراء جديدة، بما يدعم الاقتصاد المستدام ويعزز مكانة الإمارات كدولة رائدة في التحول نحو الطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة.

فرص استثمارية

وتوفر استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 فرصاً استثمارية جديدة في مجالات الطاقة المتجددة والنظيفة، وتطوير التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بالطاقة، وترسيخ مكانة الدولة كواحدة من أبرز الدول الجاذبة للابتكار والاستثمار في هذا القطاع.

 فيما وتدعم جهود تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لتحقيق أهداف الاستدامة في قطاع الطاقة، وتشكل الإستراتيجية برنامجاً وطنياً طويل الأمد لتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الطاقة وبين ضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، حيث تستهدف الاستراتيجية في مرحلتها الأولى:

  • خفض الانبعاثات للوصول للحياد المناخي في قطاع الكهرباء والمياه بحلول 2050
  • إزالة نسبة مساهمة الفحم النظيف لتصبح 0 بالمئة من مزيج الطاقة، بما يضمن ريادة الدولة ومن ثم تحقيق مستهدفات الحياد المناخي بحلول 2050
  • رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 42 بالمئة – 45 بالمئة مقارنة بسنة 2019
  • رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 3 أضعاف بحلول 2030
  • رفع اجمالي القدرة المركبة للطاقة النظيفة من 14.2 جيجاوات الى 19.8 جيجاوات بحلول عام 2030
  • رفع مساهمة القدرة المركبة للطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة بحلول 2030 إلى 30 بالمئة.
  • رفع مساهمة توليد الطاقة النظيفة بحلول 2030 إلى (32 بالمئة) لضمان البقاء على المسار الصحيح للحد من آثار تغيّر المناخ
  • توفير 50 ألف وظيفة خضراء جديدة حتى عام 2030
  • تحقيق توفير مالي يصل إلى 100 مليار درهم بحلول ذات العام، واستثمارات وطنية بين 150 – 200 مليار درهم حتى عام 2030 لضمان تلبية الطلب على الطاقة واستدامة النمو في اقتصاد دولة الإمارات.

نموذج رائد

من جانبه، يوضح أستاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن:

  • دولة الإمارات تُعد نموذجاً رائداً في دمج التكنولوجيا الحديثة ضمن استراتيجيات قطاع الطاقة، بفضل رؤيتها المستقبلية التي ترتكز على الابتكار والتحول الرقمي لتحقيق الاستدامة وكفاءة الإنتاج.
  • الدولة نجحت في بناء منظومة متكاملة تجمع بين الطاقة التقليدية والمتجددة والذكاء الاصطناعي لإدارة الموارد بشكل أمثل.
  • استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 تمثل خارطة طريق طموحة تهدف إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة 3 أضعاف بحلول 2030.
  • الإمارات اعتمدت لتحقيق ذلك على أنظمة المراقبة الذكية والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة بما يعزز الكفاءة التشغيلية ويُقلل الفاقد.

ويلفت إلى مبادرات وطنية ريادية، أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أحد أكبر المشاريع من نوعه في العالم، والذي يُدار بأنظمة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء للتنبؤ بالاستهلاك وتحسين الأداء.

ويشير إلى أن شركة أدنوك طورت منظومة العمليات الذكية التي توظف التحليلات التنبؤية والروبوتات لمتابعة الإنتاج وتقليل التكاليف والانبعاثات، مما جعلها من أوائل الشركات الإقليمية التي دمجت التحول الرقمي في قطاع الطاقة التقليدي.

ويؤكد الإدريسي أن الإمارات تمضي أيضاً نحو توظيف تقنيات البلوك تشين والحوسبة السحابية في إدارة شبكات الطاقة وتداول شهادات الطاقة النظيفة، بما يُعزز الشفافية والكفاءة في السوق.

ويختم قائلاً إن “الإمارات أصبحت بحق مختبراً عالمياً للطاقة الذكية، تمزج بين التكنولوجيا والابتكار لتحقيق أمن الطاقة والاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية في آن واحد”.

دور أديبك

على مدى أكثر من أربعة عقود، رسّخ معرض ومؤتمر “أديبك” مكانته كأحد أبرز المنصات العالمية المعنية بصياغة مستقبل الطاقة، مجسداً الدور الريادي لدولة الإمارات في قيادة التحول نحو منظومة طاقة أكثر استدامة. ومن خلال الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات الدولية، يواصل “أديبك” ترسيخ مكانة دولة الإمارات كلاعب محوري في مشهد الطاقة العالمي.

وتبرز منطقة الذكاء الاصطناعي الموسَّعة في “أديبك” مكانة أبوظبي كمركز عالمي لتعزيز التكامل بين قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي، كما ستستعرض إسهامات أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الطاقة ورفع كفاءتها وتمكين بنية تحتية أكثر ذكاءً ودفع عجلة التقدم المستدام على نطاق واسع. وبات معرض ومؤتمر “أديبك” محطة محورية مهمة في مسار صناعة الطاقة العالمية وتفعيل الحوار التجاري والتمويلي والتقني بما يسهم في تسريع التحول نحو أنظمة طاقة أكثر كفاء واستدامة وذكاءً.

وأكد عبدالمنعم سيف الكندي رئيس معرض ومؤتمر “أديبك 2025” أن الدورة الجديدة من الحدث تنطلق تحت شعار “طاقة ذكية لتقدم متسارع” ما يعكس القناعة الراسخة بترابط قطاعي الطاقة والذكاء الاصطناعي وأهمية تكاملهما في تعزيز وتيرة التقدم العالمي في ظل النمو السكاني وظهور قوى اقتصادية جديدة والتطور المتسارع للتقنيات الحديثة.

أخبار الإمارات